السبت، 1 أكتوبر 2016

Re: [المندو] ‎‫الـغــريـــب‬‎

Chahra Zed
Chahra Zed 1 أكتوبر 03:13 مساءً
كلام جميل احسنت النشر
المنشور الأصلي
خليل العقدي
خليل العقدي1 أكتوبر 03:03 مساءً
الـغــريـــب


هكذا . . ! ظهر امامي فجـأة , وبغير مقدمـات ، ليثيرني وجوده في ذلــك المكان وبذلك الشكل الذي ظهر فـيـه . . ويجعلني اتسـاءل في امره المريب !
كـان يبدو في الستين من عمره ، عليه "لبسة المتفضل" : قميص قطني قديم ، قصير الأكمام ، و "شورت" قصير ايضا . . منتفش الشعر الأشمط القليل المتبقي على حفافي رأسه ، مضطرب الهندام ، مترهل الأركان . كواحد من اولئك الذين لم يسمعوا قط في حياتهم بشيء ، اسمه الرياضة البدنية !
هكذا رأيته من مسافة قصيرة , بضع خطوات كانت تفصل بيننا . منتصباً هناك ، في ركن من اركان غرفة الطعام ، بينما كنت آتياً اليها من المطبخ المجاور. . وقد خيّل اليّ أنه كان ينفض عن عينيه غبار نوم طويل لكنه ما زال يحلم !
كنت قد سمحت لنفسي , لأشهر قليلة خلت ، بالتجول داخل البيت بما يشبه هذا (اللباس) . "شورت قصير وقميص عاري الأكمام . . ولكن ! ما شأن هذا الغريب ، يقتحم عليّ منزلي بذلك الإهاب ( والشكل ) دفعة واحدة . . وكأنه هو صاحب البيت المرخص له بـه . لا أنا ! والأدهى من ذلك كله دخوله علينا بغير استئذان ودون ادنى كلفة وبتلك الحرية المريبة . . فضلاً عن - اصارح القارئ - أن شكله بالإجمال لم يعجبني ، كـانت نظراته غامضة متحدية قلقة لا توحي بالاطمئنان ! لهذا . . تجمع له عندي على تصرفه الشاذ هذا احتجاجات جمة ، من مثل :
- من انت ايها الغريب ، ومن تكون ؟
- وماذا تريد منّا ، ومن أذن لك بالدخول علينا . . بل وماذا تصنع هنا ؟!
ثم اما كان اولى بك ايها الغريب . . ان تصلح هندامك ، و"تمسح وجهك بالرحمن " وتلف روحك بلباس اكثر تأدبا واحتشاما . . قبل التفكر بالدخول على الآخرين . . وأن ,وهذا الأهم : أن تستأذن . . حتى لا نظن انك آت من غير هذا العالم . . هارباً من سوء المحيا هناك او - من يدري - من الجحيم !
وقيد امتار , كان الغريب واقفا امامي ، يقرأ افكاري كلمة كلمة وحرفا حرفا ، ويبادلني النظرة المتحديـة المتسـائلة بمثلها ، وكذلك الاستنكار المشحون بالاحتجاج . . وكأنه رجع الصدى لاستغرابي لعمله بل حتى لتفكيري ورأي به وبشكله بوجه خاص الذي سبب لي ذلك الازعاج كله ! فمقولة لسان حاله كانت غنية عن الإيضاح :
- " بل انت من تكون ؟ وماذا تصنع هنا ؟!
مرت علينا برهة من الزمن ، كلانا يحدّق في عيني صاحبه . . وقيافته المرفوضة "جملة وتفصيلا " . . قبل أن ينجلي الأمر وتبرز الحقيقة جلية ناصعة كالشمس الساطعة في ضحى يوم صحو ، وأمنى من ذلك بدهشة اكبر واستغراب اشدّ . . إذِ اختفى الغريب من امامي فجأة , كما ظهر ، وبقيت وحدي امام مرآة عكست وجهي وشكلي كله , بغير سابق انذار أو مقدمـات ، وغربتهما لي . . ولم يكن من غريب ولا غرباء غيري وغير خيالي في المرآة . . وقد اوقعني ذلك ,كما بينت ، بحيرة كبيرة وتلهف لاكتشاف السر الجديد ! فاقتربت من "مرآتـي" اسألها الخبر اليقين :
- هل هذا صحيح يا "ستّ الحسن" أني انا ذلك الإنسان الذي لا يوحي مظهره بالارتياح ولا مخبره بالاطمئنان و..أم انك كنت تبالغين ؟
فأجابت باستحياء وخجل خبيث :
- بلى ، كنت ابالغ . . سبب ذلك بعض التعرجـات الناجمة عن تقطيب طفا علي
وجهي فيمـا كنت انظر اليك . . فتحقق الآن من ذلك بنفسك . .
فاقتـربت منها , اكثر من ذي قبل ، انظر فيها . . وقد رحت احاول جاهدا أن أبدو مقبولاً بعيني نفسي . . فأركس بعض الباقـيات (الصالحات ) على حفافي رأسي , ولا سيما شعر الحاجبين ، خامداً ثورتهنّ ؛ ومهدّئا من حدة نظرتي القلقة الحائرة . . شادّا جسمي في محاولـة اعادة النظام الى ما بعثره الدهر وعبث بنظامه . . عاملا على اصلاح ما افسده بينما مضيت أحذر الغريب وأنذره قائلا :
- لو فعل غيرك ما فعلته انت الآن لاتهمته . . من فوري بالجنون ، ولنصحت بإرساله (توا ) الى اقرب مصحة عقلية !
ولكن أنت ! لأجل الصحبة الطويلة وتحاشـياً لأن تقول : " يا خسارة عشرة ايـّام . . " سأجعل مما جرى لنا الآن سـرّاً مغلقاً لن اطلع عليه احداً .
____________________
القصة لأكثر بقليل من ثلاثة عقود من السنين ، ومن كتاب هند وأخواتها

عرض المنشور في فيسبوك‏ · ‏تعديل إعدادات البريد الإلكتروني‏ · الرد على هذا البريد الإلكتروني لإضافة تعليق.

ليست هناك تعليقات: