اللّــه أعـــلــــم
يا صـباحـاً . . أمـا لـنــا مـنـك مـعـلـم
يـتـرا ء ى . . وهــديــه نـتـرسـّـم
قــد أضـعـنـاك فـي بـطـون اللـيـالـي
أيّ لـيـلٍ طـوى ســناك وأظـلـم ؟
كـلـّــمـا لاح فـي السـمـاء شـعـاعٌ
لـفـّــه مـخـلـب الظـلام وخـيـّــم
أفشـرعـاً , يـا ليـل ، وأد الأمـانـي
كـم تـماري بـنــا ، وكم نـتـظـلـّم !
*
إنّ صـبـحـاً ، طـربـت مـنـه لـبـاقٍ
ثـابـت الـذكـر كالـحـديــد المبشـّــم
قـد رأى وحـدتـي . . فـقال : غـريب
ربـّمــا شــاقـه الـكــلام الـمـنـمـنــم
فـأتـانـي مـبـكـّـراً بـصــديــقٍ
بـاســمٍ . . فــي صـلاتــه يـتـرنـّـم
فـجـرى بـيـنـنــا حــديـث تـقـيٌّ
(كـنـت فـي وجهـه التـقـى أتـوسـّـم)
بـيـد أنّ الـغـيــوم بـعـــد قــلـيــلٍ
حـوّلـت فـرحــة النـجـيّــيـن مـأتـم !
..وســطا " قـابض الـنـفـوس" عـلـيـه
فاكتسـى وجهــه الأسـى وتـجـهـّم !
- ما الـذي بـدّل الـحـبـور وأوحـى
ســرّ هـذا الأسى ؟ (سـألـت) فـتـمـتـم
( ومضى يشـرح الأمــور بـبــطءٍ
وانـفـعـالٍ ، ودون أن يـتـلـعـثــم..
فـهـو كالـمـوج تــارة يـتـعـالــى
ثـم يسـري . . مـع النسـيـم ويـحـلـم) :
- " يا لـيـومٍ أتـى , وجـبريـل فـيـه
قــد تـدلّـى ، وفــوق مـكـّــة حــوّم
يـبـتـغي مـرقـد الرسـول ، ويـبـغـي
شـقّ صـدرالرسول فـي حـدّ لـهــذم
..ثـمّ يحشـوه حـكـمـة ويـقـــيـنــاً
بعـد غسـل الفـؤاد فـي بــئـر زمـزم !
أفرغ "الطستخان" في الجوف(حرصاً)
كـلـّـه . . ثــمّ خـاطــه ، وتـخـتـّم..(1)
وتـولـّــى إلــى الســـمـاء مـجــدّاً
يـنـهـب الجـوّ بالـنـبـيّ المـكـرّم !
طـلـب الإذن بالـدخـول فـأعـطـي
بـعـد مـا . . أخـّــر المـلاك وقــدّم
وبـبـطءٍ تـثــاءب الـبــاب لـمّــا
خلـفـه قــد أطـلّ شــيخٌ مـعـمـّـم -
آدم الـخـيـر (صاح جبريل) مرحى!
( باحــتـرامٍ ) . . وآدم يـتـبـسـّـــم
يا حـبـيـبـي ، هــذا أبـوك . . فسـلـّـم
قـال جــبـريـل ( للنـبـيّ ) : فـســلـّـم !
..في السماوات كـلّهـا ، كـان يـجري
بانـتـظـامٍ نـفـس الـحـوار المصـمـّـم
.
عـاد مـن لــدن ربـّــه . . بـفــروضٍ
بـاهضاتٍ . . كـمـن يـعـود بـمـغـنـم !
فـقضى (فـي الصـلاة) خمسـيـن منهـا
كــلّ يـومٍ ، عـلـى العـبـاد وأبــرم !
رضـيا . . والنـبـيّ ، لـكـنّ مـوسـى
(فابن عمران) كـان بالـنـاس أرحـم !
فـتـصدّى لـهـا ، ولـو أنّ مـوسـى
لـم يـعـلّـم نـبـيـّـنــا . . مـا تـعـلـّـم :
"إنّ فـي الشعب , يا محـمـّد ، ضـعـفـاً
لا يـفـي حـقـها ، ولـو قـيـل : أسـلم"
وأعـــاد الـنـبيّ يـمـكس فــيــهــا..
بـعــد مـا أقــدم ( النبيّ ) وأحـجـم
ومضى أحـمـد . . سـمـيـعـاً مـطـيـعـاً
عــائــداً نـحـو ربـّــه يـتـظـلـّـم !
-
خمســة بـعــد خمسـةٍ حـطّ مـنـهـا
مثل فـعـل التجار من أجـل درهـم !
وانتهـى الأمـر , خمسـة ، وتـجلـّـى
ثـمّ نـادى ( إلـهـنــا ) وتــكــلـّــم :
" لـم يـــبـدّل كـلامـنــا وهـدانـــا
كـلـمٌ صـائبٌ ، وهــديٌ مـتـمـّـم
فهي خمسون فـي الـثـواب ، وخمسٌ
فـي التـقاضي . وكلّ أمــرٍ محـكــّم"
.
عـاد , فـيـنـا ، النبيّ ينشــر هــديــاً
لم يـدع واجـبـاً ، ولـم يـتـكـتـّــم
فضل موسـى . . فسـامح الله عـبـداً
قــد وعــى اسـمـه . . ولـم يـتـرحـّــم
كـلّـم الله . . ثـمّ جـارى ووفـّـى
ثـمّ صلـّى عـلى النـبـيّ . . وسـلـّم !
-
- قلت : مـاذا وراء (بـدعـة مـوسـى)
أفـكــان ( الكـلـيـم ) أهــدى وأحــزم !
في يقـيني لو "موضة الغسل" شـاعت
.. وعـلـيـنـا انـتـخـاب مـن يـتــقــدّم
لانـتـخـبـنـا لـزمـزمٍ قـلـب موسـى
يـا صـديـقــي فـغـسلـه كــان ألــزم !
- قـال هــذي مشـيـئــة الله فـيـنــا
لا يـجـــيز الـولاء أن تـتـهـكـّــم !
أو شــك " بمســلـمٍ والـبـخــاري "..
إنّ مـن خـالـف الإمـامــيـن يأثـم ؟..
إنّ لـلـكـافــريـن ، نــار جـهــنــّم..
" بالصحيحـين " ! قلت : أيّ جهنّـم ؟
ما سـمـعـنـا الإيـمـان يمـلأ بـطـنـاً
قـبـل هـذا . . فإنـّـنـي لسـت أفـهـم !
إنّ تصـديـق صانعي الإفــك هــذا
ليس شركاً ، بل من الشرك أعظم !
أصحيحٌ فـرض الصـلاة عـلـيـنـا
كـان خطـئـاً . . وبـعضها كـان أقـوم ؟
ذاك يـعـنـي ( شـهادة ) أنّ مـوسـى
عـلّم الله أمـر مـا ليس يـعـلـم !
فاسـتبان الرشـاد في هـدي موسى
وتـخـلّـى عـن حـكـمـه . . وتـنــدّم !
..وبأنّ النبيّ ، لا المـزارون فـاهـوا
بسـلام . . ولا الـنـبـيّ تــفـهـّــم !
حـالـنـا حال من رأى الشـرّ يطـغـى
فــدلا دلـوه وبالشـــرّ أســهــم !
*
فسجى صاحبـي وطـال انـتـظـاري
ولـحــيـنٍ حســبـتـه بـات أبـكــم !
كـاد يقضـي علـى المـروء ةِ لـمـّــا
مـطّ فـاهــاً . . وشــاء أن يـتـكـلـّــم
حـكّ فـي رأســه قـليـلاً . .وأرخـى
حاجـبـيـه ، وقـال : " الله أعـلــم"!
ومضـى ســامـداً حـزيـنــاً كـئـيـبـاً
وكــأنّ الســمـاء بـيـتٌ تــهــدّم !
وكـأنـّـي قــتـلـت آبــاء مـوســى
فـبـكــاه . . لأنّ موسـى تــيـتـّـم !
عـلّـمــوه . . أنّ الصـلاة غـــطــاءٌ
لـيـرى الـنـاس زهـدهــم . . فـتـعـلـّـم
وبـأنّ الـخشــوع أن يـتـبـاكــى
فاهـتـدى ، وارتدى قميص المـتـيـّم !
أطـفـأت بـدعــة المـرائــيـن فـيــه
جـذوة الفـكـر والرشــاد . . فـأظـلـم !
*
عـدت مـن دهشـتـي أسـائـل نـفسـي
أنـا يـا نـفـس . . لـيـتـنـي أتـعـلـّــم !
حكمـةٌ فـي البطون ! - يا ربّ عـفـواً
مـن يـرى جـهـلـنــا . . ولا يـتـألـّـم ؟
.
يـا صـباحـاً . . إنّ العـريـن تـقـسـّـم
وبـكى الـحـرّ ، والـعـذول تـبـسـّـم
كـلّ مـا نـمـلـك : الـدعــاء . . وزخــمٌ
فـي الصلاوات . . والغـباء المجسـّم
___________________________________________
(1)" بينا أنا في الحطيم مضطجعا إذ أتاني آت فشق مابين ( وأومأ
مشيرا الى ما مـعـنـاه : من ثغرة نحره الى مشعره . . واستخرج
قلبي فغسل ، ثم اتيت بطست من ذهب مملوءة حكمة وإيمانا
فحشي . . " . وفي روايـة :
" . . وشق جبريل ما بين نحره الى لبّته حتى فرغ من صدره
وجوفه فغسله من ماء زمزم بيده حتى انقى جوفه ثم اتي بطست
من ذهب محشو ايمانا وحكمة ، فحشا به صدره ولغاديده ثم
أطبقه.." وفي رواية : " ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ حكمة
وايمانا " . ( صحيح البخاري جزء 2 صـ 210 ، 211 ، 231 ،
و جـ 4 : 300 - طبعة 1978 ، دار المعرفة - بيروت )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق